السعودية تعلن عن مشروع جديد ينهي مشكلة مواقف السيارات في جدة والرياض والخدمة ستكون شبه مجانية

السعودية تعلن عن مشروع جديد ينهي مشكلة مواقف السيارات في جدة والرياض
  • آخر تحديث

تعيش المدن السعودية، وعلى رأسها الرياض وجدة، حالة من الازدحام المروري الخانق، تفاقمت خلال السنوات الأخيرة حتى أصبحت أحد أبرز المشكلات اليومية التي تواجه المواطنين والمقيمين على حد سواء، وقد تحولت الشوارع الرئيسية والفرعية إلى ساحات ممتلئة بالسيارات، وتحولت مسألة العثور على موقف شاغر إلى معضلة حقيقية تستنزف الوقت والجهد.

السعودية تعلن عن مشروع جديد ينهي مشكلة مواقف السيارات في جدة والرياض 

وبات من المألوف أن تجد المركبات متوقفة في أماكن غير نظامية، أو أن ترى مشادات كلامية بين الجيران حول أحقية الوقوف، خصوصا في العمائر السكنية التي تفتقر إلى نظام واضح لمواقف السيارات الخاصة. بل إن الأمر لا يتوقف عند مجرد الإزعاج، بل يصل أحيانا إلى خلافات شخصية ومواجهات حادة قد تنتهي بالعراك الجسدي.

هل أصبح الموقف عائق أمام الأنشطة اليومية؟

لم تعد أزمة المواقف مجرد تحدي وقتي، بل باتت عامل نفسي مؤثر في سلوك الأفراد، فالكثير من الناس أصبحوا يترددون في مغادرة منازلهم لأغراض يومية بسيطة مثل التسوق أو زيارة الأقارب أو حتى التنزه، وذلك خوف من العودة دون إيجاد موقف متاح، أو من الوقوع في زحام لا نهاية له.

بل إن بعض المواطنين يتخلون عن خططهم اليومية، ويقررون العودة إلى منازلهم بعد جولات عقيمة في الأحياء والمجمعات التجارية دون جدوى.

وقد يؤدي ذلك إلى آثار اجتماعية واقتصادية غير مباشرة، منها العزوف عن الأنشطة الاجتماعية أو التردد في استخدام وسائل النقل الشخصية.

السماح للمرأة بالقيادة

بعد السماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة، ارتفع بشكل ملحوظ عدد السيارات في الشوارع، وهو أمر طبيعي ومرحب به في سياق التمكين والمساواة، إلا أنه كشف في المقابل عن حاجة ملحة لتطوير البنية التحتية المرورية، خصوصا فيما يتعلق بالمواقف.

فاليوم، تكاد لا تخلو أسرة من أكثر من سيارة واحدة، وغالبا ما تتعدد المركبات حسب عدد أفراد الأسرة، ما يزيد من الضغط على شبكات الطرق والمواقف، ويبرز الحاجة إلى اتخاذ خطوات وقائية وتنظيمية أكثر جرأة.

الحلول الممكنة

للخروج من هذا المأزق، لا بد من التحرك على عدة مستويات بشكل متزامن، بدء من التخطيط العمراني المستدام، ومرورا بالتشريعات، ووصولا إلى تغيير السلوكيات المجتمعية، ومن بين الحلول التي يمكن النظر فيها:

  • توسعة الطرق وتنظيم الأحياء السكنية: يجب توسعة الطرق ذات الكثافة المرورية العالية، وتطوير الشوارع المكتظة عمرانيا، مع إعادة توزيع الأدوار بين الطرق الفرعية والرئيسية.
  • إنشاء مواقف متعددة الطوابق داخل الأحياء: تخصيص مواقف عامة أو استثمارية داخل الأحياء المكتظة بالعمائر السكنية، بحيث تكون متاحة لسكان الحي بنظام الاشتراك أو الدفع الشهري، قد يحل جزء كبير من المشكلة.
  • التخطيط الإلزامي للمباني الجديدة: يفترض أن يشترط على أي مشروع سكني أو تجاري جديد توفير عدد كافي من المواقف وفق معايير محددة، وعدم منحه التصريح دون الالتزام بها، وذلك لضمان انسجام البنية التحتية مع حجم المستخدمين المتوقع.
  • تقنين استخدام السيارات الخاصة: التشجيع على استخدام وسائل النقل الجماعي داخل المدن، مثل الحافلات العامة والمترو عند اكتمال شبكته، وتقديم حوافز للمستخدمين كخفض الرسوم أو تخصيص طرق خاصة.
  • رفع الوعي المجتمعي بأهمية التشارك في المساحات العامة: من المهم تعزيز ثقافة "الموقف العام ملك للجميع"، والابتعاد عن النظرة الفردية التي ترى أن المساحة أمام المنزل هي ملك خاص، وهذا يتطلب حملات توعوية تنفذها الجهات المختصة بالشراكة مع الإعلام والمدارس والمجتمع المدني.

أبعاد أمنية وإنسانية لأزمة المواقف

لا تقتصر خطورة أزمة مواقف السيارات على الإزعاج اليومي أو تأخر المواعيد، بل تمتد لتشكل تهديد على حياة الناس، فكثير ما تعيق السيارات المتوقفة بشكل خاطئ حركة سيارات الإسعاف والدفاع المدني، وقد تؤدي ثواني التأخير إلى خسائر في الأرواح والممتلكات.

كما أن تهور بعض السائقين أو قلة خبرتهم في القيادة، سواء من الشباب أو من السائقات الجدد، يجعل من الزحام بؤرة لحوادث مرورية متكررة، تثقل كاهل الأجهزة الأمنية والصحية على حد سواء.

دعوة لدراسة وطنية شاملة

الحل الجذري لا يمكن أن يتم دون دراسة وطنية موسعة، يشارك فيها مختصون في التخطيط الحضري، وخبراء مرور، ومهندسون معماريون، واقتصاديون، ويفترض أن تنطلق هذه الدراسة برعاية جهة رسمية عليا، لضمان تنفيذ توصياتها وتحويلها إلى سياسات واقعية.

كما يجب أن تتضمن الدراسة تصور مستقبلي للتوسع السكاني والنمو الحضري، ووضع سيناريوهات مرورية متوقعة، ومقترحات عملية قابلة للتطبيق تتناسب مع كل مدينة بحسب طبيعتها الجغرافية والكثافة السكانية.

المجتمع شريك في الحل وليس مجرد متلقٍ

لا يمكن تحميل المسؤولية كاملة للجهات الرسمية، بل إن للمواطنين والمقيمين دور كبير في التعاون والوعي، من المهم توعية الأبناء والسائقين داخل المنازل بأهمية احترام الأنظمة، وعدم التعدي على حقوق الجيران، والحرص على استخدام المواقف بطريقة منظمة.

كما يجب أن يكون هناك حوار دائم بين الجهات المختصة والمجتمع حول ما يخص استخدام الشوارع والمرافق العامة، فنجاح أي مشروع مروري يعتمد في المقام الأول على الالتزام المجتمعي والانضباط الشخصي.