الرياض.. تغيير مسارات طريق الملك فهد ليكون في اتجاه واحد فقط والكشف عن المسارات البديلة للمسار العكسي

تغيير مسارات طريق الملك فهد ليكون في اتجاه واحد فقط
  • آخر تحديث

في ظل الازدحام المروري المتزايد، الذي بات يشكل تحديا يوميا لسكان وزوار العاصمة الرياض، برز مقترح مروري طموح طرحه المهندس عبدالعزيز السحيباني، يهدف إلى إعادة تشكيل الحركة المرورية في واحد من أكثر الطرق حيوية وأهمية في المدينة: طريق الملك فهد.

تغيير مسارات طريق الملك فهد ليكون في اتجاه واحد فقط

هذا الطريق الذي يعد شريان مركزي يعاني من كثافة مرورية فاقت قدرته الاستيعابية، يتطلب حلول مبتكرة وجريئة تواكب حجم النمو الحضري المتسارع للمدينة.

التحول إلى نظام الاتجاه الواحد: حل هندسي استباقي لمعالجة جذور الأزمة

جوهر المقترح الذي طرحه السحيباني يتمثل في تحويل طريق الملك فهد إلى مسار أحادي الاتجاه، بحيث يكون مخصصا للمتجهين شمالا، فيما يخصص طريق العليا المجاور -وهو طريق موازي له في الاتجاه المقابل- للمركبات المتجهة جنوباً (أو العكس، بحسب نتائج الدراسات المستقبلية المتوقعة).

هذا التحول الجذري في منظومة السير لا يقصد به مجرد توزيع الحركة، بل إعادة هيكلة هندسية لشبكة الطرق في قلب المدينة بطريقة تزيد من مرونتها، وتقلل من نقاط التداخل المروري التي تعد السبب الأول للازدحام والتوقف المفاجئ.

شبكة ذكية من الدوارات المتتالية: حل عملي لتفادي التكدّس المروري

واحدة من أبرز الركائز التي يقوم عليها المقترح هي إنشاء نقاط دوران ذكية ومتكررة عبر الشوارع التي تربط بين طريق الملك فهد وطريق العليا، بحيث تشكل هذه النقاط "دوارات حضرية" متتالية، تسمح للسائقين بتغيير وجهتهم أو الانتقال من طريق إلى آخر بسلاسة دون الحاجة للتقاطعات المعقدة أو الإشارات الضوئية الطويلة.

هذه الشبكة الذكية ستعمل على تحقيق انسيابية عالية في تدفق المركبات، وتخفف من الحمل على المداخل والمخارج التقليدية، كما ستحد من الحوادث التي غالبا ما تنجم عن الوقوف المفاجئ أو التشابك في التقاطعات.

منطقة حضرية وسيطة: "جزيرة وسطية" نابضة بالحياة والتنظيم المروري

ما يعزز من واقعية المقترح، ويزيد من إمكانية تنفيذه، هو القرب المكاني بين طريق الملك فهد وطريق العليا، والذي يمكن أن يتحول إلى منطقة انتقال حضرية ذكية، يتم من خلالها إنشاء عناصر خدمية وتقنية لدعم نظام الاتجاه الواحد.

هذه المنطقة الوسطى يمكن أن تلعب دور "الجزيرة المرورية" التي تفصل بين الاتجاهين، لكنها ليست مجرد منطقة صامتة، بل فرصة لتطوير بيئة عمرانية ذكية، تشمل ممرات للمشاة، مسارات دراجات، محطات نقل عام حديثة، وخدمات سريعة تحاكي مفاهيم المدن الذكية المستدامة.

تحسين شامل لانسيابية الطرق المجاورة: شبكة متناغمة وحركة بلا عناء

وفقا لما أوضحه المهندس السحيباني، فإن الأثر الإيجابي لهذا المقترح لن يقتصر فقط على طريق الملك فهد، بل سيمتد إلى شبكة الطرق المجاورة، من خلال تخفيف الضغط العام وتحقيق توازن في تدفق المركبات.

كما أشار إلى أن إجراء دراسة مرورية تفصيلية تُعد خطوة ضرورية لضمان نجاح الفكرة، واختبار قدرتها على مواكبة الاستخدام اليومي بأنماطه المختلفة، سواء في أوقات الذروة أو الحركة التجارية واللوجستية.

المقترح خطوة نحو المستقبل: حلول مرورية تتماشى مع طموحات الرياض الكبرى

يأتي هذا المقترح في وقت تشهد فيه مدينة الرياض تحول عمراني واقتصادي واسع النطاق، ضمن رؤية المملكة 2030، وهو ما يجعل التفكير في حلول جذرية للمرور ضرورة لا تحتمل التأجيل.

ولا يعد تحويل طريق رئيسي إلى اتجاه واحد خطوة سهلة، لكنها قد تكون المفتاح لتحقيق قفزة نوعية في كفاءة التنقل، وتقليل الانبعاثات، وتوفير الوقت، وزيادة جودة الحياة.

المهندس السحيباني يقدم، من خلال هذا المقترح، رؤية هندسية مدروسة تحمل بعد استراتيجي وابتكار وظيفي، وتحمل في طياتها فرصة لبدء حوار مجتمعي وهندسي واسع حول مستقبل التنقل داخل العاصمة، وحول أهمية اعتماد نماذج عالمية تتناسب مع الخصوصية العمرانية والثقافية للرياض.

هل تشهد الرياض قريبًا تجربة مرورية جديدة تكتب التاريخ؟

في وقت يتسابق فيه العالم نحو إنشاء مدن ذكية ومستدامة، يبدو أن العاصمة الرياض تقف اليوم أمام فرصة حقيقية لإعادة ابتكار مشهدها المروري.

وبينما لا تزال الفكرة في طور الاقتراح والدراسة، إلا أن جرأتها، وواقعيتها، واتساقها مع التوجهات المستقبلية، تجعل منها أكثر من مجرد اقتراح هندسي، بل مشروع وطني يستحق الدعم والتأمل والتطوير.