توضيح نص المادة 20 من قانون العمل السعودي والحقوق التي يعطيها للعاملين والموظفين من المواطنين والمقيمين

توضيح نص المادة 20 من قانون العمل السعودي
  • آخر تحديث

إن العمل في المملكة العربية السعودية لا يقتصر فقط على الحصول على فرصة وظيفية، بل يستلزم كذلك فهم عميق وإدراك تام لمختلف الأحكام القانونية التي تنظم العلاقة ما بين العامل وصاحب العمل.

توضيح نص المادة 20 من قانون العمل السعودي 

ومن بين هذه الأحكام، تأتي المادة العشرون من نظام العمل السعودي لعام 2025 لتشكل أحد الركائز التي تعنى بضبط العلاقة المهنية على نحو يحقق التوازن والعدالة ويمنع أي استغلال أو إساءة في تفسير النظام.

النظام القانوني للعمل في المملكة وتطوره عبر السنين

أسس نظام العمل السعودي بموجب المرسوم الملكي رقم م/51 بتاريخ 23 شعبان 1426هـ، وتم تعديله لاحقا بناء على متغيرات سوق العمل والاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية، وكان آخرها التعديل الذي صدر بموجب المرسوم الملكي رقم م/46 في 5 جمادى الآخرة 1436هـ.

هذا النظام لا يكتفي بمجرد سرد الأحكام، بل يقسمها بطريقة منظمة إلى أبواب وفصول، تغطي كافة جوانب العمل، بدء من التوظيف والتدريب، مرور بالعقود، وانتهاء بالعقوبات وتسوية النزاعات، ويتضمن النظام ستة عشر باب رئيسيا تتفرع منها مجموعة من الفصول التي تتناول كل جزئية بتفصيل دقيق.

محتويات نظام العمل السعودي كما وردت رسميا

إليك نظرة تفصيلية على الأبواب التي يتألف منها نظام العمل:

  • الباب الأول: التعريفات العامة.
  • الباب الثاني: تنظيم عمليات التوظيف، ويشمل فصول متخصصة في توظيف المعوقين والمكاتب الأهلية.
  • الباب الثالث: تنظيم توظيف غير السعوديين.
  • الباب الرابع: التدريب والتأهيل المهني.
  • الباب الخامس: علاقات العمل، وهو من أهم الأبواب حيث يشرح:
    • عقود العمل.
    • التزامات العمال وأصحاب الأعمال.
    • آليات التأديب.
    • حالات انتهاء العقود والمكافآت المرتبطة بها.
  • الباب السادس: ظروف وشروط العمل.
  • الباب السابع: العمل الجزئي والمؤقت.
  • الباب الثامن: الوقاية من الحوادث المهنية.
  • الباب التاسع: حقوق المرأة العاملة.
  • الباب العاشر: توظيف الأحداث.
  • الباب الحادي عشر: عقد العمل البحري.
  • الباب الثاني عشر: العمل في المناجم والمحاجر.
  • الباب الثالث عشر: مهام مفتشي العمل.
  • الباب الرابع عشر: هيئات تسوية الخلافات.
  • الباب الخامس عشر: العقوبات والغرامات.
  • الباب السادس عشر: الأحكام الختامية.

نص المادة العشرين من نظام العمل السعودي لعام 2025

جاء نص المادة 20 ليضع حدود واضحة تمنع التلاعب أو التأثير غير المشروع داخل العلاقة التعاقدية أو سوق العمل بشكل عام، وهو كما يلي:

"لا يجوز لصاحب العمل أو العامل أن يقوم بأي عمل من شأنه إساءة استعمال أحكام هذا النظام أو القرارات واللوائح الصادرة تنفيذ له، كما لا يجوز لأي منهما القيام بأي تصرف من شأنه الضغط على حرية الطرف الآخر، أو حرية عمال أو أصحاب عمل آخرين، بقصد تحقيق مصلحة أو فرض وجهة نظر شخصية تتعارض مع حرية العمل أو تتدخل في اختصاص الجهة المختصة بتسوية الخلافات."

التحليل القانوني والدلالات العملية للمادة العشرين

  • تحقيق العدالة ومنع الاستغلال: المادة تحظر بشكل صريح استغلال النصوص القانونية أو القرارات التنفيذية لتحقيق أهداف شخصية تتعارض مع أهداف النظام أو تضر بالطرف الآخر، مما يعكس حرص المملكة على ضبط العلاقة المهنية بطريقة متوازنة تحفظ حقوق الجميع.
  • الحفاظ على الحريات الفردية: تشدد المادة على احترام حرية الاختيار سواء للعامل أو لصاحب العمل، وتمنع كل أشكال الضغط أو الإكراه التي قد تمارس لأهداف خاصة أو خارج نطاق المصلحة العامة.
  • دعم اختصاص الجهات القانونية والفصل في النزاعات: تبرز المادة الدور الحصري للجهات المختصة في تسوية الخلافات، وترفض أي محاولة للالتفاف على صلاحيات تلك الجهات أو التأثير على قراراتها من خلال ضغوط غير قانونية.

العلاقة بين المادة العشرين وبقية مواد النظام

تعتبر المادة 20 بمثابة مرجعية أخلاقية وقانونية لجميع العاملين ضمن النظام، إذ تعزز القيم الأساسية التي بني عليها النظام، مثل الشفافية، والنزاهة، والعدالة، وتحترم في الوقت ذاته الأطر الرسمية لتسوية النزاعات، وتتلاقى في جوهرها مع مواد أخرى مثل المادة (77) التي تحدد آلية إنهاء العقود، والمادة (92) التي تنظم الالتزامات المهنية.

أهمية الوعي القانوني بهذه المادة لكافة أطراف العمل

لا يقتصر فهم هذه المادة على القانونيين أو أصحاب الشركات، بل يجب أن يكون جزء أساسي من الوعي المهني لكل من:

  • العاملين في القطاعين العام والخاص.
  • رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات.
  • المستشارين القانونيين المتخصصين في شؤون العمل.
  • الجهات الحكومية المعنية بتنفيذ النظام.

العقود والرسوم وأدوار الأطراف في العلاقة العمالية

  • توثيق عقود العمل للعمال الأجانب: تم التشديد على ضرورة تنظيم علاقة العمل بين العامل الأجنبي وصاحب العمل من خلال عقد مكتوب، يشمل جميع الشروط والأحكام ولفترة زمنية محددة، ويعد ذلك ضمان لحقوق الطرفين وتقنين للعلاقة التعاقدية بشكل قانوني.
  • تحمل صاحب العمل لجميع الرسوم: وفق التعديلات الجديدة، يتحمل صاحب العمل وحده كافة التكاليف المتعلقة بتوظيف العامل الأجنبي، بما في ذلك رسوم الإقامة، ورخصة العمل، ورسوم التجديد، مما يخفف الأعباء عن العامل ويضمن التزام الجهة الموظفة بتكاليف العلاقة التعاقدية.

تنظيم انتقال العامل إلى وظيفة جديدة

حرية تغيير الوظيفة بشروط منظمة: من أبرز التعديلات التي تم إدخالها، السماح للعامل الأجنبي بالانتقال إلى وظيفة جديدة بموافقة صاحب العمل الحالي، وهو ما لم يكن متاح في النظام السابق إلا بشروط صارمة، وقد تم توضيح ضوابط هذا الانتقال كالتالي:

  • يجب أن يمر 12 شهر على دخول العامل إلى المملكة.
  • ينبغي إبلاغ صاحب العمل الحالي بالرغبة في الانتقال قبل ثلاثة أشهر على الأقل، ما لم ينص العقد على خلاف ذلك.

دعم حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة

زيادة نسبة تشغيل ذوي الإعاقة: حرصا على دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في سوق العمل، رفعت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية نسبة تشغيل ذوي الإعاقة إلى 4% من إجمالي العاملين في المنشآت، وذلك تعزيز لمبدأ التكافؤ وضمان التمثيل العادل في فرص التوظيف.

تعديلات خاصة بالعمالة الوافدة

  • المساواة في فرص العمل: أكدت التعديلات الجديدة على مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين والوافدين، بحيث تتاح فرص العمل وفق الشواغر المتوفرة، مع مراعاة الضوابط المقررة لضمان التوازن في التوظيف.
  • نشر الوعي القانوني: ضمن الجهود الرامية لحماية الحقوق، تم إلزام الجهات المختصة بنشر مواد وفقرات نظام العمل بشكل واضح ومبسط حتى يتمكن العمال وأصحاب العمل من معرفة حقوقهم وواجباتهم بدقة.

ضوابط جديدة لساعات العمل الرسمية والإضافية

  • ساعات العمل العادية:
    • تم تحديد الحد الأقصى لساعات العمل اليومية بـ ثماني (8) ساعات، تتخللها ساعة واحدة للراحة.
    • لا يجوز أن تتجاوز ساعات العمل المتواصلة عن ست (6) ساعات دون راحة.
    • خلال شهر رمضان، تم تقليص عدد ساعات العمل إلى ست (6) ساعات يوميا.
  • الإجازات الأسبوعية والرسمية:
    • تم اعتماد يومي الجمعة والسبت كعطلة أسبوعية للعامل.
    • في حال اقتضت طبيعة العمل الاشتغال في هذه الأيام، يجب أن يعطى العامل:
      • إما أجر مضاعف.
      • أو تعويض بيوم إجازة آخر حسب موافقة العامل.
      • يجب أيضا تعويض العامل حال عمله خلال العطل الرسمية أو الدينية.
  • الإجازات الشخصية:
    • يحصل العامل على إجازة سنوية لا تقل عن 21 يوم.
    • بعد مرور خمس سنوات متواصلة في العمل نفسه، تزداد الإجازة السنوية إلى 30 يوم.
    • يحصل العامل على:
      • يوم واحد إجازة عند ولادة طفل.
      • ثلاثة أيام في حالة الزواج.
      • ثلاثة أيام في حالة وفاة أحد الأقارب من الدرجة الأولى.

العمل الإضافي وأحكامه الجديدة

  • الساعات الإضافية والبدلات:
    • حدد الحد الأقصى للعمل الإضافي السنوي بـ 720 ساعة.
    • يجوز لصاحب العمل زيادة هذه الساعات بالاتفاق مع العامل.
    • تصرف أجور الساعات الإضافية بإضافة 50% من الأجر الأساسي كما ورد في المادة 107 من النظام.
  • عقوبات مخالفة ساعات العمل:
    • إذا تجاوزت المنشأة الحد المسموح به من ساعات العمل دون تنظيم عمل إضافي، تفرض عليها غرامة تصل إلى 10,000 ريال سعودي، وذلك في حالة مخالفة المادة 98 من النظام.

تنظيم عام لساعات العمل في النظام

في ضوء التعديلات الجديدة، أصبح تنظيم ساعات العمل واضح ومحدد كما يلي:

  • مدة العمل الأسبوعية القصوى: 48 ساعة.
  • لا يجوز أن تتجاوز ساعات العمل الأسبوعية الإجمالية 60 ساعة.
  • الحد الأقصى لساعات العمل الإضافي السنوية: 270 ساعة.
  • تم التأكيد على الالتزام بأوقات العطلة الأسبوعية وساعات العمل الليلية حسب ما تنظمه الجهات المختصة.

الأهداف الاستراتيجية لنظام العمل الجديد

يعنى نظام العمل الجديد بعدة أهداف استراتيجية محورية، منها:

  • حفظ حقوق جميع الأطراف سواء من المواطنين أو الوافدين.
  • تحقيق توازن عادل في العلاقة التعاقدية.
  • توفير بيئة عمل آمنة ومريحة تضمن الاستقرار المهني والاجتماعي.
  • الاهتمام بالخدمات الاجتماعية والطبية للعمال.
  • التحديث المستمر للنظام بما يتلاءم مع التحولات الاقتصادية والتكنولوجية.

ملامح مستقبلية لسوق العمل في المملكة

إن التعديلات الأخيرة على نظام العمل السعودي تمثل خطوة متقدمة نحو تحقيق بيئة مهنية متوازنة ومرنة وعادلة.

كما أنها تعكس رؤية المملكة نحو سوق عمل منفتح ومتطور يضمن الحقوق، ويعزز الإنتاجية، ويراعي الظروف الإنسانية والاجتماعية للعاملين.

من خلال هذه الإجراءات، ترسخ السعودية مكانتها كمكان مثالي للعمل والاستثمار في بيئة تحترم الإنسان وتحفظ كرامته.